لا ريب أنّ شهر رمضان شهر رحمة وأخلاق حسنة، يفترض على من أدركه معافىً في بدنه آمناً في سربه، يملك قوت يومه، أن يسجد لله شكراً؛ فنحن في غمرة المناسبات الدينيّة، التي نرجح فيها كفة العبادي على السلوكي، ربما قلّ ما نتذكّر عشرات أو مئات المرضى على أسرّة المستشفيات، شفاههم الله وعافاهم، وهم يعجزون عن الصوم، ومثلهم أيتام أو أرامل أو معوزون، بحاجة لمن يكونون في عونهم، عدا عن المتاعب النفسية، والألم والأحزان، التي تحتاج إلى مواساة؛ كما أنّ حماية ثغور وطننا السعودي يقف عليها بواسل لهم علينا حقّ الدعاء بالحفظ والنصر.
وعلى مستوى عنايتنا بحياتنا، هناك فئات لديها استعداد لدفع آلاف الريالات لمن يعيد لها لياقتها، وشيئاً من صحتها المُهدرة طيلة العام، بحكم فقد فنّ التعامل مع الجسد، والمغامرة بالعافية؛ ورمضان بما يكتنز من الطاقة الروحيّة مؤهل لترميم ما أفسدته عادات وممارسات ضارة؛ وليتنا نسجّل لأنفسنا نقاط كسب على أكثر من مستوى.
ومنها نقاط الترشيد على مستوى ما نعدّ من الأطعمة، وما نتلف، وليت ثقافة الترشيد تغدو خُلقاً من أخلاقنا الرمضانية، والترشيد منه حسّي ومعنوي، والمعنويّ مرتبط بالمشاعر والانفعالات، فسعة الصدر هبة ودُربة؛ وربما يتذرّع البعض خصوصاً المُدخّن أو مريض الضغط والسكر (عافانا الله وإياهم) بأنّ نفسه رأس خشمه، وتزيد تقطيبة حاجبيه يوم صومه، ومستعد للتعارك حتى مع ظلّه، ثم يندم حين يهدأ ويحمّل الصوم تبعات سوء سلوكه وتصرفاته.
قال لي صديقي المتشائل «اغسل ايدك من تطبيق أفكارك، فالذي لم ينضبط طيلة أحد عشر شهراً ما ينضبط في شهر!» فقلتُ «على الدوام يقطع الحبلُ الحجر»، فقال «هذيك حبّال الأولين، أما اليوم فيعجز في بعض الأحجار حتى الليزر وربما النانو»، فكدتُ أميل إليه قليلاً، وأركنُ لقوله كثيراً، خصوصاً عندما قال «داخل الإنسان شيطان خامل، وما ينشط إلا في مواسم الخير».
أخبار ذات صلة
بالطبع ثقافة معظمنا بالنافع والضار عالية، ولن تُجدِي الخُطب والمواعظ مهما اتسعت بلاغتها، طالما أن ثقافتنا الاستهلاكية تستشري، ولو في ظل شكوى البعض من الغلاء، ومستحقات فواتير الخدمات، والمخالفات المرورية.
بالطبع، لا حرج في إظهار نعم الله على عباده، لكن لا ينسينا رغد عيشنا مآسي غيرنا، ولا يلهينا استتباب أمننا عن خوف الآخرين، ولا نغفل باستقرارنا في وطننا الأمين عن صور ملايين المُهجّرين والمُشردين، وكما كانت تقول أُمي رحمها الله «العالم يا ولدي يغلِي وما عدنا ندري نبكي على من؟».
تلويحة: في الوقت الذي يتبرّم فيه مسلمون من صيام نهار رمضان بمبررات واهية، هناك أوادم من أديان وفلسفات يشاركوننا الصيام، لأنّ الانتماء لدِين أو فكرة أو مذهب أو فلسفة ليس (غايته) الحرمان، بل الارتقاء بروح الإنسان.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.