إسرائيلياً: هناك توجه غالب للاستمرار في خيار التطهير العرقي، باجتثاث العنصر الفلسطيني من قطاع غزة، تمهيداً لسيطرة إسرائيلية كاملة وحاسمة على القطاع، ولو كان الثمن تصفية عرقية (إبادة جماعية) في حق أهل الأرض الفلسطينيين. هذا الخيار الجذري للمسألة الفلسطينية في قطاع غزة، يدفع إليه الجناح المتطرف في حكومة اليمين، بزعامة وزير المالية (بتسالايل سموتريش)، الذي يهدد بمواصلة الحرب، بنهاية المرحلة الحالية، من اتفاقية وقف إطلاق النار، وليس الانتظار حتى إكمال عمليات تبادل الأسرى، ومن ثم بدء مرحلة الهدنة المستدامة.
خيار التهجير لأهل غزة، بنسختيه القسرية والطوعية، وإن بدا أقل قسوة من خيار التطهير العرقي (الإبادة الجماعية) لأهل غزة الفلسطينيين، إلا أنه في النهاية يقود إلى نفس النتيجة: إفراغ القطاع من أهله الفلسطينيين تمهيداً لاحتلال كامل للقطاع من قبل إسرائيل، وبدء الاستيطان الإسرائيلي المستدام للقطاع.
يعتقد الإسرائيليون، ومن يدعمهم في الغرب، بالذات الولايات المتحدة، أن حملة إسرائيل العسكرية على القطاع، التي استمرت لـ ٤٧٠ يوماً مهدت الطريق لتطبيق أي من الخيارين اللذين، بالنسبة للفلسطينيين، أحلاهما مر. من وجهة نظر دول الغرب، بالذات الولايات المتحدة، هم يروجون لما أسموه التهجير الطوعي لأهل غزة، بعد الدمار الكبير الذي خلفه العدو، بجعل القطاع غير قابل للحياة، مما يدفع الفلسطينيين طوعياً للخروج. واقتسام أهل القطاع، بين مصر والأردن.
خيار التهجير الطوعي، يحاول حلفاء إسرائيل في الغرب، أن يسوقوا له أخلاقياً وإنسانياً، في النهاية بالنسبة لهم، أقل دموية وعنفاً من خيار التطهير العرقي. الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في دفاعه عن خيار التهجير الطوعي، يجادل: بأن القطاع يتمتع بموقع جغرافي رائع، وفصائل المقاومة بل وأهل غزة كلهم أساؤوا التعامل مع قطاع غزة الذي يتمتع بموقع استراتيجي فريد، غافلين عن البعد الاقتصادي له، باستثماره لبناء أبراج سكنية واستغلال شاطئه، بإقامة مرافق سياحية، تجذب السياح من جميع أنحاء العالم، تدر دخلاً مجزياً!. يبدو أن الرئيس ترمب واثق من أن مشروعه للتهجير الطوعي لأهل غزة قابل للتنفيذ، بعيداً عن خيار التطهير العرقي، لمحاذير الأخير السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية.
المشكلة: أن من ينادي بأحد الخيارين لم يأخذ في عين الاعتبار مصالح أهل غزة، ولا حتى مصالح وأمن المنطقة، خاصةً الدول التي رشحتها الولايات المتحدة لاستيعاب أهل غزة. هم ينظرون إلى أن الحالة التي تركها العدوان الإسرائيلي الذي استمر لأكثر من خمسة عشر شهراً تجعل خيار التهجير الطوعي جذاباً لأهل غزة الفلسطينيين، الذين من وجهة نظرهم يتطلعون إلى ترك القطاع طوعياً، بحثاً عن حياة أفضل في مهاجرهم البديلة!
نسي هؤلاء المروجون لخيار التهجير الطوعي أنه ليس هناك فرق بين خيار الإبادة الجماعية وخيار التهجير الطوعي، طالما كلا الخيارين ينتهيان إلى نفس النتيجة: التخلص نهائياً من المسألة الفلسطينية، مرة واحدة وللأبد. في النهاية، هذا يعني: دق المسمار الأخير في نعش الدولة الفلسطينية. كما أن الأخذ بأيٍ من الخيارين لن يساهم في استقرار المنطقة، كما يزعمون، بل هم يعملون على تطاير الرماد، الذي تتقد تحته نارٌ مستعرة سوف يتطاير شررها لتصطلي به كل المنطقة، مما يؤثر سلباً على استقرار وسلام العالم وأمنه.
ثم إن الخيارين في النهاية يقومان على فرضية خاطئة تفترض أن الفلسطينيين في نضالهم لبناء دولة وطنية، الذي استمر لما يقرب من ثمانين عاماً، من السهل أن يمرروا، طوعاً أو قسراً، أياً من الخيارين، خاصة بعد تصديهم لحربٍ شرسة ضروس امتدت لأكثر من خمسة عشر شهراً، لم يستطع العدو أن ينتصر فيها، بل إن النصر بشهادة إعلامه وجيشه وبعض سياسييه كان للمقاومة. ثم إن العرب، الذين رفضوا علناً الأخذ بأيٍ من الخيارين، ليس فقط مساندةً للفلسطينيين وقضيتهم، بل أكثر: ذوداً عن أمنهم القومي، لن يقبلوا بمشروع تهجير الفلسطينيين من القطاع، مقابل أي ثمن، قد يراه الغرب مغرياً، أخذاً بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها تلك الدول العربية.
ما فشل فيه العنف الشرس، في شكل حربٍ ضروس، غير متكافئة أو متناظرة التي امتدت لـ ٢٧٠ يوماً، هي الأطول التي خاضتها إسرائيل منذ إعلان قيامها، لن يتحقق بـ«دبلوماسية» التهديد بالتطهير العرقي.. أو التهجير، سواء قسرياً أو طوعياً.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.