وظهر ذلك بوضوح في فترات مختلفة لعل أهمها وأبرزها ذلك الذي حدث خلال المد القومي العروبي خلال حقبة الناصرية بزعامة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وحراك حزب البعث في فرعيه بالعراق وسورية. وتحطمت أحلام الناصرية بعد نكسة 1967 ودُمر البعث على مأساة غزو العراق للكويت واحتلال سورية للبنان.
وفي نهاية السبعينات الميلادية ولدت إيران الخمينية ومشروع تصدير ثورتها للمنطقة منذ الأيام الأولى لوصول الخميني لرأس السلطة. وهذا أدى إلى حرب السنوات الثمان ضد العراق وإنشاء مليشيات مسلحة خارج سلطات الدولة مثل حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق وحماس في فلسطين ودعمت إيران هذه المنظمات بشكل هائل وكبير وأدخلتها ضمن ما أطلقت عليه اسم محور المقاومة لمحاولة إيجاد الشرعية اللازمة له للبقاء.
ولا يمكن إغفال ما حدث في المنطقة خلال فترة ما عرف وقتها بأحداث ثورات الربيع العربي ومحاولات استعادة الحلم العثماني القديم في ذات المنطقة من العالم.
والحقيقة أن الشرق الأوسط عرف محاولات مستمرة وحثيثة لإعادة رسم خرائط العالم العربي عن طريق القوى العظمى مثل بريطانيا وفرنسا واتفاق سايكس بيكو الشهير وما قام به جورج بوش الابن حين غزا العراق بشكل أرعن مع عدم إغفال الحروب الأهلية والحركات الانفصالية المختلفة عبر السنوات الماضية.
والآن يأتي بنيامين نتنياهو إلى نفس المسرح مهدداً وبغرور أهوج أنه سيغير وجه منطقة الشرق الأوسط كله مصحوباً بنبوءات تلمودية خرافية وأساطير من تحالفه الحاكم تزكي طرحاً فاشياً إرهابياً عنصرياً متطرفاً متجاوزاً القوانين والأنظمة والعهود والعقود والأعراف الدولية بلا استثناء.
نتنياهو يحارب لأجل بقائه في السلطة والهروب من السجن بتهم الفساد، ولأجل ذلك أطلق نبوءاته التوراتية والتي جيّش بها أنصاره بمقولته الشهيرة إنه يقاتل المعاليق وهي الفرقة المعادية لليهود في التوراة ليشبّه العرب والفلسطينيين بهم.
هناك فصائل يمينية متطرفة في إسرائيل تعيش حالة من النشوة والزهو بسبب سرعة الإنجازات العسكرية الإسرائيلية والاستخبارات المعنية في تمكّنها من القضاء على أهم العناصر البشرية في حماس وحزب الله، ولكن هذه الحرب المفتوحة التي وعد بها نتنياهو «حتى يقضي على أعداء إسرائيل» هي حرب بلا هدف واضح ولا جغرافيا واضحة، ولكن التكلفة الاقتصادية المهولة لتلك الحرب بدأت تؤثر على إسرائيل ولم يعد بإمكانها الاستمرار في تجاهل التكلفة المتراكمة وانهيار قيمة عملتها الوطنية وتدهور التقييم الائتماني ودمار أسواقها المالية وهروب المستثمرين منها.
انضمام نتنياهو إلى قائمة الحالمين بتغيير منطقة الشرق الأوسط هو مسألة وقت، ولن يكون أفضل ولا أهم ممن سبقوه في هذه المحاولة الحلم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.