استوقفني على جدار من جدرانها رخامات أثيرة تبنى تثبيتها الروائي يوسف شبعة الحضري، واستبد بي شغف الشعر عند كل منارة خِلْتُها معلّقة شعرية كتبها أحمد الحريشي.
كان محمد شكري آية من آيات الإبداع، وإن تحفظ البعض على لغته المتسخطة من الأهل وذوي القربى والأصدقاء، إلا أنه يكفيه شرفاً أنه قاوم الظروف الشرسة، وتصدى لواقعه المُزري بكتابته للتطهر منه والخلاص من ثقله.
التقينا كبار السن، فحدثونا عنه حديث المتحفظ، وسألنا عنه في المقاهي؛ فقالوا هنا كان شكري يشرب قهوته الكحلا، وذهبنا لمقهى الحافة فلم نجد سوى نخلته والبحر، ونادل معمّر قال لا أجمل من شكري ولا أرقى إن كان مزاجه رائقاً.
محمد شكري أنصف بسيرته الذاتية في (الخبز الحافي) نفسه بقدر ما سلّط الضوء على الأوضاع المعيشية البائسة لمواطن عربي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية غير إنسانية.
تعتقت كؤوس طلاه، في انتظار عائد لا يعودُ، واستطالت زهرة سيجارته أملاً في ملامسة أنامل غائب لا يغيب، نجح شكري، في كتابته، وربما فشل في حياته الاجتماعية، إلا أن سابقته في أدب الاعترافات ستترك بصمة لا تُمحى.
وبرغم ما اعترى الوجدان ونحن نجوب المساريب، ونتعقّب (غواية الشحرور الأبيض) من مشاعر متضاربة، إلا أنه كان معنا وإن لم يكن هناك.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.