أخبار عاجلة

فانتازيا المسلم بين سحرية التراث ورفض النخبة

فانتازيا المسلم بين سحرية التراث ورفض النخبة
فانتازيا المسلم بين سحرية التراث ورفض النخبة
يخيل إليك في البداية أنك تقرأ إحدى الأساطير الإغريقية كالأوديسة والإلياذة، ولكن سرعان ما تدرك أنك هنا في قلب إرثك العربي، مع زرقاء اليمامة والجن الأزرق، وغابات تزحف برجالها صوب أسوار العدو. تتساءل إن كانت نبوءة الساحرات لمكبث بأنه لن يُهزم إلا إذا «تحركت غابة بيرنام» نحو قصره، ما هي إلا صدى لصيحة زرقاء اليمامة: «أرى شجراً يتحرك»!

يعيدنا أسامة المسلم إلى جذورنا العربية التي لطالما كانت منبع الفانتازيا والخيال. في زمن بات فيه الأدب يُستورد من الغرب، يصر المسلم على استعادة هويتنا الأدبية عبر قصص تستند إلى أساطيرنا العربية وأبطالنا، بعيداً عن روايات الغرب التي لا تشبهنا ولا تنتمي لبيئتنا.

هكذا، يجد القارئ نفسه غارقاً في عالم من الجنيات والمخلوقات العجيبة والقوى الخارقة، يصدق بوجود خاتم يخفي مارداً وثلاث أمنيات، وحيوانات ناطقة، ورؤوس تُجزّ، وألسنة تُقطع، وفتيات يضحّين بأصواتهن لاستعادة رشاقتهن. ويجاري البطل عندما يحمله جنيّ طيب إلى بلاد بعيدة في لمح البصر. وتأسره فكرة أن تعشقه جنية فاتنة. إنه عالم يبتلع قارئه، حيث الماضي والحاضر يلتقيان في لا واقعية سحرية تأسر الخيال وتجعلنا نستسلم لفتنتها.

في «بساتين عربستان»، نشهد صراعاً بين ساحرتين. تسعى كل منهما لتكوين عصبة من الساحرات وتدريبهن لتحقيق أهدافها. وبينما تخوض كل ساحرة مغامرتها، يكشف السرد عن قصص الساحرات المنضمات إلى عصبتيهما، بأسلوب متداخل يُشبه «لعبة ماتريوشكا» الروسية، حيث تنفتح الحكايات واحدة تلو الأخرى، مكوّنة شبكة غنية من القصص المتداخلة. هذه التقنية السردية، التي استلهمها الأدب الأوروبي من ألف ليلة وليلة، تتجلى هنا في أسلوب معاصر يُعيد إحياء روح القصة داخل القصة، مما يضفي عمقاً وتشويقاً على الرواية.

وفي رواية «خوف» نجد الخوف وقد تحول من شعور عابر إلى تجربة وجودية عميقة ودافعاً لاستكشاف الذات. من منا لم يفكر في لحظات الخطر الاستعانة بـ«الجن الأزرق»؟ أو ربما يدفعه طموحه وفضوله لعقد صفقة مع الشيطان. لكن الخوف هنا لا يقود إلى الهلاك، بل يصبح أداة لفهم النفس وإعادة تشكيلها.

يبحث القراء الشباب في الأدب عن متنفس لرغبتهم في التمرد على سلطة تنتقص منهم، في مجتمعات تمنح الكتب قدسية مفرطة، يتحول الكتاب إلى رمز للتعقيد والغموض، مما يثير رهبة القارئ وتردده، وكأن الأدب حكر على النخب المثقفة. فيأتي المسلم ليكسر هذه الصورة النمطية، مستقطباً جمهوراً واسعاً، وممهداً الطريق لأدب أكثر قرباً من القارئ العادي، متحدياً بذلك هيمنة كبار الأدباء وسلطتهم الثقافية التقليدية.

على عكس الواقع العربي، شهد الأدب الغربي انفتاحاً أزال عنه هالة القدسية. فنجد تصنيفات جديدة تظهر كل يوم في أدب الأطفال والخيال العلمي والرومانسي والسيرة، مما يتيح للكتّاب حرية الإبداع دون خوف من تهم التسطيح، وللقرّاء حرية اختيار ما يمتعهم دون وصاية من أحد. أعمال بسيطة مثل «يوميات الفتى المشاغب»، وسلسلة «الشفق»، جذبت ملايين القراء وأكدت أهمية وجود بيئة أدبية تحتفي بالتنوع وتمنح لكل صوت مكانه، بعيداً عن قيود الأحكام المسبقة أو التصنيفات النخبوية.

تُتهم روايات أسامة المسلم بالتركيز على التسلية والخيال أكثر من الرسائل العميقة، لكن متى كان الترفيه تهمة؟ كتب مثل «كليلة ودمنة» وأساطير عنترة لم تكن فلسفية معقدة، بل ممتعة وملهمة. وقصص خيالية مثل «الأمير الصغير» قدمت رؤية إنسانية عميقة تجمع بين الانتشار الجماهيري والعمق الأدبي. فالأدب، في جوهره جسر يربط الكاتب بالقارئ، لا اختبار لصبره أو قدرته على فك الشفرات.

وقول إن الفانتازيا تمثل هروباً من الواقع أو ترسيخاً للغيبيات يتجاهل طبيعتها الحقيقية كفن أدبي، شأنها شأن الخيال العلمي، ليست انعزالاً عن الواقع، بل هي إعادة صياغة له في قالب خيالي يسمح باستكشاف أفكار معقدة بطريقة غير تقليدية.

تتطلب الفانتازيا من كاتبها جهداً فائقاً لابتكار عوالم جديدة مليئة بالتفاصيل والقوانين المتكاملة، مما يجعلها فناً إبداعياً من الدرجة الأولى. وقد استطاع المسلم، على غرار أحمد خالد توفيق وجرجي زيدان، عبر أدب يوازن بين الترفيه والإبداع، ويعيد تشكيل الموروث بلغة معاصرة، أن يكون صوتاً لجيله، متجاوزاً قيود النخب الثقافية، ومتجاهلاً رضا النقاد الذين اعتبرهم «شلة تتبادل المجاملات النقدية».

في النهاية، ليست كل رواية درساً فلسفياً، لكنها يمكن أن تكون مغامرة تأخذ القارئ إلى عوالم جديدة، لتظل الرواية فضاءً يمزج بين الخيال والواقع، وبين الماضي والحاضر.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

السابق دراما “The Trauma Code” تتصدر قائمة الأكثر مشاهدة حول العالمالخميس 30/يناير/2025 - 11:30 م تفوقت الدراما الكورية “The Trauma Code: Heroes On Call” على المسلسل الأكثر شهرة حول العالم “Squid Game”، لتصبح بذلك ثاني أكثر مسلسل مشاهدة على شبكة NETFLIX حول العالم
التالى هكذا ودعت منى زكى العام الحالى واستقبلت العام الجديد.. صورة