يصادف بدء حرب شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وقوات متحالفة معها من 34 دولة، ضد العراق، يوم 17 يناير/كانون الثاني من عام 1991، لتحرير الكويت، في عملية عسكرية لقبت بأسماء عدة منها "حرب الخليج الثانية"، و"أم المعارك"، و"عاصفة الصحراء".
© AFP 2020 / David Furst
إن المغامرة التي قام بها صدام حسين في اجتياح الكويت كلفت أثمان باهظة سواء بما يتعلق بالتوازن الإقليمي والدولي بالنسبة للعراق كدولة أو في ما يتعلق بمؤسسته العسكرية التي استنزفت بشكل كبير جدا، وكانت هناك انتكاسة بالنسبة للجيش العراقي".
وأضاف الشريفي، معتبرا اجتياح رئيس النظام السابق صدام حسين، للكويت، مغامرة فيها مجازفة كبيرة جدا وغير محسوبة النتائج وأثرت على وضع العراق وأثرت على التوازن الإقليمي، مبينا "لولا الاجتياح لما استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض إرادتها بشكل مباشر على دول الخليج وبالتالي تواجدت في قواعد عسكرية، والمياه الإقليمية وبدأت تفرض واقع حال وترسم ملامح مستقبل المنطقة إلا بسبب هذا التصرف الذي لم يكن تصرفا محسوب النتائج، بل كان مجازفة غير مبررة، وبالحقيقة مغامرة بمصير المنطقة وليس العراق فحسب".
محو الجيش
وعن خسائر الحرب، ينوه الشريفي، إلى أن عاصفة الصحراء كانت بمثابة تدمير كبير جدا لاسيما التدمير الذي حصل بالقدرات التسليحية يعني يكاد يكون السلاح العراقي استنزف في هذه الحرب فضلا عن الخسائر البشرية الكبيرة جدا.
وأكمل الخبير الأمني والاستراتيجي، "نحن تعرضنا لانتكاسة على مستوى القدرات التسليحية والموارد البشرية كخسائر فضلا عن مسألة الانهيار المعنوي لقطاعات الجيش لأنه زج في معركة خاسرة وفي تحد غير متكافئ كان بالحقيقية فيه سوء تقدير موقف لأن صدام لم يكن ذو خلفية عسكرية وأن حمل رتبة لكنه لم يكن ابن المؤسسة العسكرية بمعنى أنه لم يتخرج من أكاديمياتها ولم يتدرج في مؤسساتها بالتالي لم تسعفه الخبرة في أن يكون قراره العسكري قرارا عقلانيا بل كان قرارا منفعلا مرتجلا أدى إلى زج الجيش في تحد أكبر من قدراته بالتالي كان انتكاسة للجيش العراقي لازلنا إلى الآن ندفع ثمنها".
خسائر بالمليارات
ويعلق الخبير الأمني العراقي البارز، فاضل أبو رغيف، في حديث لـ"سبوتنيك"، اليوم، عن ذكرى عاصفة الصحراء، بقوله : إن خسائر العراق من حرب الكويت، لازال يدفع ثمنها، خسائر غير محدودة تقدر بعشرات المليارات تم دفعها إلى الجانب الكويتي نتيجة الغزو الذي أحدثه النظام السابق".
وأضاف أبو رغيف، أن عملية عاصفة الصحراء، واجتياح الكويت، تسببت بانكسار كامل للترسانة العسكرية وانخفاض لمنسوب التسلح وانهيار المعنويات وضرب الروح النفسية للمواطن العراقي، وجعل العراق دائما في قوائم الأسوء في كل شيء.
وتابع، تم تحميل العراق أسباب كل مغامرات النظام السابق على الرغم الحكومات ما بعد 2003، والجو العام للعراق يتحمل وزر النظام السابق، لذلك الخسائر لا تعد ولا تحصى يتحملها النظام السابق.
وينوه أبو رغيف إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي السبب الأول في إنهاء نظام صدام ولكنها في الوقت عينه هي المؤسسة ولممهدة لوجوده لتسلم سلطة الحكم في العراق لذلك الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية التأسيس والإنهاء على حد سواء.
اجتياح العراق
ولفت إلى أن الولايات ارتكبت خسائر مردفة من بعد إسقاط نظام صدام، بحل وزارتي الدفاع والثقافة، في عام 2003.
واعتبر أبو رغيف، أن حل وزارة الدفاع العراقية من قبل الولايات المتحدة عند اجتياحها للعراق، كلف القدرة العسكرية العراقية المعروفة بحرفيتها وقوتها وتاريخها العريق الكثير من بينها أنها حدت التسليح وجعلت الجيش جيشا محدودا بقدراته التسليحية رغما أنه واسع بقدراته القتالية والمعنوية.
واختتم الخبير الأمني العراقي، أن الولايات المتحدة، وبول بريمر الذي عينه الرئيس الأمريكي جورج بوش رئيسا للإدارة المدنية للإشراف على إعادة إعمار العراق في66 مايو 2003، لم يأت بشيء إيجابي للجيش على نحو الترميم أو الإصلاح بقدر ما على نحو الحل والإنهاء.مشارك في الحرب
وفي وقت سابق روى اللواء الركن المتقاعد، من الجيش العراقي السابق، ماجد القيسي، في حوار أجرته مع مراسلة "سبوتنيك" في العراق، الأحد 2 أغسطس/ آب العام الماضي، عن غزو الكويت من قبل النظام السابق، في الثاني من أغسطس/ آب عام 1990، والذي أسفر عن تدمير شامل للبلاد.
وقال: الحرب قامت بها قوات الحرس الجمهوري العراقي، حيث احتشدت في جنوب العراق، وصدرت لها أوامر الدخول إلى الكويت، وبالفعل دخلت القوات بإسناد طيران مقاتلات وعمليات إنزال"، مؤكدا أن القوات استطاعت السيطرة على مراكز قيادية مهمة، وسياسية مثل وزارة الدفاع، والقصر الأميري ومؤسسات كاملة، واستطاعت احتلالها بالكامل، حينها العراق طيلة تلك الفترة كان في صراع مع الأمم المتحدة وقبل ذلك أصدرت جامعة الدول العربية قرارا بمقاطعة العراق وإخراجه من الجامعة، كل هذه الأمور جرت قبل عملية "عاصفة الصحراء".
وكل الجيش العراقي قد شارك في الحرب، سواء في الجبهة أو الساحة العراقية الكويتية، على أساس كان هناك حملة جوية فوق سماء العراق لمدة 42 يوما، وهي أكبر حملة كثيفة للتحالف شهدها التاريخ، حتى في الحرب العالمية الثانية لم يشهد مثلها.
وأفاد القيسي أن الحملة الجوية الكثيفة اشتركت بها 2450 طائرة للتحالف وشنت حرب برية استنزفت العراق ودمرت كل مراكز الثقل فيه من مراكز قيادية ومقرات عسكرية وخطوط إمداد ودعم لوجستي، وبالإضافة إلى الهجمات التي قامت بها القوات التعبوية للتحالف على ساحات العمليات العراقية - الكويتية وكانت حقيقة ضربات كثيفة جدا.
وبدأ هجوم التحالف يوم 27 فبراير/شباط عام 1991 وكان عملية التفاف جاءت من الحدود السعودية وقطعت طريق البصرة – الناصرية، ثم حوصرت القوات العراقية داخل محافظة البصرة جنوبي البلاد، والطريق الرابط بين المحافظة والكويت مما أدى إلى وقوع مجزرة كبيرة في الطريق الذي أطلق عليه لقب "طريق الموت".
وألمح القيسي إلى أن الاستراتيجية العسكرية العراقية كانت مهزومة في ذلك الوقت، وكان يتوقع صدام حسين أن الحرب ستكون مثل التي خاضها مع إيران لكن لم يستطع أحد التوضيح له، وحتى القيادات العسكرية الكبيرة تتحمل مسؤولية هذا الموضوع بغض النظر عن وطنيتهم، لإنهم كانوا يواجهون 3 دول عظمى هي: الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وبريطانيا، وذلك خارج قدرات العراق، لهذا كان التدمير كاملا، وبأنه من أصل 6200 دبابة لم تستطع العراق أن تستردها وما بقي منها 1700 دبابة فقط.
تدمير قدرات
ويوضح القيسي، أن 60-50% من قدرات الجيش العراقي وبعض الدراسات أشارت إلى 65% من قدراته دمرت، ولم يبق إلا الثلث، والثلث المتبقي كان أشبه ما يكون معطلا لأنه متقادم في الأسلحة التي استخدمت في الحرب العراقية - الإيرانية طيلة ثمانينيات القرن الماضي، وكان لدى بلاده صعوبة بالغة وكبيرة، ولكن القياسات العسكرية مقارنة مع الوضع في المنطقة، كان الجيش العراقي لا يستطيع الدفاع عن العراق تجاه أي هجوم معادي يحصل من الخارج، وهذا ما حصل عام 2003 عندما اجتاحت القوات الأمريكية الأراضي العراقية وأسقطت العاصمة، بغداد، في 16 يوما.وقال القيسي، إنه "لا أحد يقدر حتى الآن عدد وحجم خسائر الجيش العراقي، وهناك موقع يسمى موقع التله الذي يرابط العراق من خلال منطقة سفوان بالكويت، أو ما أطلقنا عليه طريق الموت، طويل جدا، لا زال به قسم من رفات الشهداء، وعندما كان الكاتب المعروف روبرت فيسك يغطي الحرب حينها، أصدر كتاب بعنوان الحرب تحت ذريعة الحضارة، أشار فيه إلى أنه لا يمكن حساب ضحايا العراق، رغم أن الأمريكيين كانوا يقولون لم نوقع خسائر سوى 17 منهم، وهم لا يريدون أن يذكروا العدد الحقيقي حتى عندما سئل جنرال الجيش الأمريكي، هربرت نورمان شوارزكوف، قال أنا لست مسؤولا عن إحصاء الجثث".
يذكر أن الحرب ضد صدام حسين إثر قيامه بغزو الكويت، معتبرا إياها المحافظة رقم 19 للعراق، ولم يكن هذا الادعاء العراقي وليد تلك اللحظة، وإنما يعود لعام 1932 حينما استقلت العراق، ثم استقلت الكويت عام 1961.
وبعد إعلان استقلال الكويت، أعلن الرئيس العراقي حينها عبد الكريم قاسم أن "الكويت جزء لا يتجزأ من العراق"، فيما عرف بأزمة عبد الكريم قاسم، وتدخلت الجامعة العربية وأرسلت قوات عربية لمنع حدوث ذلك.
ثم قام أمير الكويت وقتها الشيخ مبارك الصباح بتوقيع معاهدة حماية تقوم بموجبها بريطانيا بحماية استقلال دولة الكويت.
وفي 4 نوفمبر 1963 اعترف العراق باستقلال الكويت من خلال التوقيع على اتفاق مشترك بين الكويت والعراق من قبل الشيخ صباح السالم الصباح، ولي العهد الكويتي، وأحمد حسن البكر، رئيس الوزراء العراقي.
ورغم الاتفاق اجتاح الجيش العراقي في 2 أغسطس 1990 الكويت وسيطر على مراكز رئيسية مثل الديوان الأميري، والإذاعة والتلفزيون، وفي 3 أغسطس قامت الجامعة العربية بفرض عقوبات اقتصادية على العراق ودعوته للانسحاب الفوري من الكويت.
وصدر قرار مجلس الأمن رقم 678 في 29 نوفمبر 1990، محددا 15 يناير 1991 مهلة للعراق لسحب قواته، وإلا فإن قوات الائتلاف ستلجأ لكل الوسائل لتطبيق القرار 600.
غير أن صدام لم يستجب لأي من هذه التحذيرات أو الضغوط أو النصائح، فكانت تلك الحرب التي شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة أمريكا ضد العراق، والتي حملت اسم "عاصفة الصحراء"، والتي بدأت في 17 يناير وانتهت بهزيمة العراق وتحرير الكويت في 28 فبراير 1991.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة SputnikNews ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من SputnikNews ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.