ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية، سفيرة المغرب في مدريد، كريمة بنيعيش، على خلفية تصريحات رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بشأن مغربية مدينتي سبتة ومليلية الواقعتين شمال المغرب وتخضعان لسيطرة إسبانيا.
© AFP 2021 / FADEL SENNA
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الإسبانية، أنه تم استدعاء سفيرة المغرب في إسبانيا، كريمة بنيعيش، على وجه السرعة لتقديم إيضاحات حول تصريحات رئيس الحكومة.
ويوم الأحد، أعلنت وزارة الخارجية المغربية، استدعاء سفير إسبانيا في الرباط، على خلفية استضافة زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية على أراضي البلد الأوروبي.
ملف "سبتة ومليلة" وملف "الصحراء" يظلان أوراق ضغط بين البلدين، حيث تعتمد إسبانيا على موقفها من ملف "الصحراء" كورقة ضغط كلما طالبت المغرب بـ "سبتة ومليلة" أو تحدثت عنهما بأنهما مغربيتان، في المقابل تصر المغرب التذكير بين الحين والأخر بمغربية المدينتين.
وأعرب المغرب في بيان، عن أسفه لموقف إسبانيا التي استضافت على ترابها إبراهيم غالي زعيم البوليساريو، معبرا عن إحباطه من هذا الموقف الذي "يتنافى مع روح الشراكة وحسن الجوار".
وانتقد عدم تجاوب القضاء الإسباني مع الشكاوى العديدة التي قدمها الضحايا ضد زعيم البوليساريو.
وكان العثماني قد أكد في حوار مع قناة "الشرق" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن "الجمود هو سيد الموقف حاليا بخصوص ملف المدينتين المحتلتين".
وأوضح، أن المغرب "ربما سيفتح الملف في يوم ما، ويجب أولا أن ننهي قضية الصحراء، فهي الأولوية الآن، وقضية سبتة ومليلية سيأتي زمانها"، وتابع، "كلها أراضي مغربية والمغرب يتمسك بهما كتمسكه بالصحراء".
وأثارت تصريحات العثماني بخصوص عزم المغرب فتح نقاش حول مدينتي سبتة ومليلية بعد نزاع الصحراء غضب جارته الشمالية إسبانيا التي سبق أن استعمرت أجزاء من شمال وجنوب المغرب، بينما سيطرت فرنسا على الوسط.
ويرى الخبراء أن هذه التوترات الأخيرة بين المغرب وإسبانيا تتعارض مع المصالح المشتركة بين البلدين.
وفي تعليقه على هذه التوترات، قال الخبير الاقتصادي المغربي رشيد ساري، إن: الخلافات بين المغرب وإسبانيا والتوترات الموسمية، ربما ستكون عاملا لتوحيد الرؤية بين البلدين أكثر من تفرقتهما.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن: مجموعة من العوامل المترابطة والمتلازمة فيما بينهما تدفع نحو تقوية العلاقات، أولها الموقع الاستراتيجي وعلاقة الجوار التي تربطهما، والتنسيق الأمني لمحاربة الإرهاب، وهو أحد الأولويات.
ورأى أن التاريخ الذي يربطهما يجعل هذه الأزمات تمر كمر السحاب، معتبرا أن المغرب صمام الأمان لإسبانيا وبالتالي لأوروبا من تدفق المهاجرين الأفارقة.
عامل آخر- بحسب ساري- يتمثل في أن إسبانيا هي الشريك التجاري الأول مع المغرب.
ويرى ساري أن: "مواقف المغرب أصبحت حازمة وفعالة، وأن استدعاء المغرب لسفير إسبانيا بالرباط هو رسالة واضحة وليست مشفرة لمدريد، حتى تبتعد عن المواقف الملتبسة، وتحدد موقفا صريحا في علاقاتها مع المغرب الذي يتعامل بحسن النوايا".
واعتبر أن عدم الاستقرار السياسي بإسبانيا خصوصا في ظل التكوينات غير المنسجمة للحكومة الإسبانية يعد أحد عوامل تناقض مواقف إسبانيا تجاه المغرب.
من ناحيته، قال الكاتب يوسف الحايك، إن: الخلاف بين البلدين ليس الأول من نوعه، حيث سبقته حالة توتر، نهاية العام الماضي، بعد تصريحات لرئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني أكد فيها على مغربية مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن: "التوتر الحالي سيبقى في حدوده المعقولة، خاصة أن بلاغ وزارة الخارجية المغربية، اكتفى بالإعراب عن خيبة الأمل والاستغراب من استقبال زعيم ما يسمى جبهة البوليساريو الانفصالية، وهو ما يعكس مدى واقع التوتر الحالي".
واعتبر أن المصالح المشتركة بين البلدين الجارين تبقى أكبر من أي خلاف دبلوماسي عابر، لاسيما وأن إسبانيا أصبحت منذ سنوات الشريك التجاري الأول بالنسبة للمغرب، وثالث أكبر مستثمر، بالمغرب.
وقال إن: "التنسيق الأمني عالي المستوى بين البلدين في مجالات الإرهاب والهجرة غير النظامية، من العوامل التي تحافظ على استمرارية العلاقات رغم التوترات التي تتكرر بين الحين والآخر".
وفي تصريحات سابقة، قال المحلل المغربي بلال التليدي، إن تصريح رئيس الحكومة المغربية جاء في محله، حيث يقود المغرب معركة دبلوماسية وسياسية بشأن قضية الصحراء.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، أن الأمر مرتبط بحسم ملف الصحراء وتثبيت مقترح المغرب بالحكم الذاتي.
وأشار إلى أن "المغرب قد يكون استخدم هذه الورقة للضغط على إسبانيا لإنهاء ملف الصحراء لصالح المغرب، خاصة في ظل العدد الكبير من القنصليات التي افتتحت في مدينتي الداخلة والعيون، وهو ما وضع الموقف الخاص بسبتة ومليلية في حرج بالنسبة لإسبانيا، في ظل الظروف الراهنة والمستجدات".
وتقع مدينة مليلة شرق المغرب، قبالة الساحل الجنوبي لإسبانيا على بعد نحو 500 كيلو متر، وتبلغ مساحتها نحو 12 كيلومترا مربعا.
وبقيت مليلية تابعة لإقليم ملقة الإسباني حتى 14 مارس/آذار عام 1995، عندما أصبحت إقليما يتمتع بالحكم الذاتي.
وبعد استقلال المغرب عن إسبانيا وفرنسا عام 1956 احتفظت مدريد بسبتة، التي أصبحت إقليما يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1995، حتى الآن.
وتقع مدينة سبتة البالغ مساحتها 20 كيلومترا مربعا، على الساحل المغربي عند مدخل البحر المتوسط على مضيق جبل طارق.
وفي العام 42 م، سيطر عليها الرومان، وطردوا منها على يد قبائل الفاندال بعد نحو 400 سنة.
وفيما بعد سيطر عليها البيزنطيون، ثم القوط القادمين من إسبانيا، واستخدمها طارق بن زياد كقاعدة في هجومه على إسبانيا.
وبعد سقوط الخلافة الأموية، سادتها الفوضى حتى سيطر عليها المريدون، واتخذوها أيضا قاعدة للهجوم على الأندلس عام 1084.
واحتلها البرتغاليون عام 1415، بقيادة الأمير هنري البحار، ثم أصبحت المدينة تحت السلطة الإسبانية عندما تولى الملك الإسباني، فيليب الثاني، عرش البرتغال عام 1580.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة SputnikNews ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من SputnikNews ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.