بعد صمت دام 11 عاما... صهيل الخيول العربية الأصيلة يدوّي في مدينة اللاذقية السورية

فبعد الانتهاء من معظم أعمال إعادة التأهيل التي جعلت المدينة تعود وبقوة لتكون قبلة السباقات الدورية كما كانت دائماً منذ عام 1987، حينما تم تنظيم دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط العاشرة.

على مساحة تبلغ 154 هكتاراً، تتربع المدينة الرياضية بوصفها إحدى المشاريع المهمة على مستوى العالم، إذ تم إنشاؤها وفق تصميم هندسي يتناسب مع موقعها ومخططات المدن الرياضية العالمية.

تضم حدائق ومطاعم وملاعب مكشوفة وصالات مغلقة، وخمس صالات مخصصة لكافة الألعاب الرياضية ككرة اليد والسلة والتنس، كما تتضمن 11 ملعباً لكرة المضرب مع كافة مرافقها العامة، بالإضافة لمسابح شتوية ومسبحاً للغطس ومسبحاً خاصاً بالأطفال، كما يوجد ضمنها متحف للفن الحديث والذي يعد الأول من نوعه في حوض المتوسط.

وبعد توقف استمر 11 عاماً، عاد صهيل الخيول ليملأ سماء المدينة الرياضية، حيث أقامت الجمعية السورية للخيول العربية الأصيلة، السباق الدوري الثالث في ميدان سباق الخيل بمدينة الأسد الرياضية، ظهر اليوم الجمعة، برعاية محافظ اللاذقية والاتحاد الرياضي العام، وبالتعاون مع مديرية الخيول العربية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ونادي الشرطة للفروسية.

"فرسان نادي الشرطة" بدؤوا سباق الخيل بعروض فروسية لافتة أثارت إعجاب الحضور الذين صفقوا طويلاً للفرسان الذين أثبتوا علو كعبهم في العروض التي قدموها من التقاط الأوتاد والوقوف على صهوة جيادهم ورمي القوس وقفز الحواجز والأكروبات.

الكابتن محمود المصري، رئيس نادي الشرطة للفروسية والمسؤول عن العرض، أشاد لـ"سبوتنيك" بمهارة "فرسان الشرطة" بعروض الفروسية على اختلاف أنواعها، والتي أثارت إعجاب الجمهور في المدينة الرياضية، عازياً السبب وراء ذلك إلى "شغف الفرسان بالفروسية ومحبتهم لجيادهم ما يجعل أي عرض لوحة فنية متكاملة الانسجام من ناحية الجمال والإبداع".

باسل جدعان، الرئيس الفخري للجمعية السورية للخيول العربية الأصيلة وعضو المكتب التنفيذي للمنظمة العالمية للجواد العربي، "الواهو" قال: إنّه "بعد إعادة تأهيل مضمار الفروسية في مدينة الأسد الرياضية أصبح بإمكاننا إعادة سباقاتنا إليها لتدخل في أجندة نشاطات الجمعية لإحياء السباقات الدورية على مدار العام".

وأشار جدعان إلى أنه "في اللاذقية يمكن الاستفادة من ميزة إقامة السباقات على مدار العام"، دالّا على أنه "في بقية المحافظات تقام السباقات في فصلي الربيع والصيف فقط كما الحال في دمشق وحماه، على سبيل المثال وذلك بسبب الظروف الجوية، أما في اللاذقية فتقام على مدار العام وهذه ميزة سيتم الاستفادة منها لإبقاء الخيول في حالة الجاهزبة الدائمة".

وبيّن جدعان أن "هناك نوعين من السباقات تقيمها الجمعية، الأول خاص بالخيول العربية الأصيلة السورية الصافية من منشأ سوري، أما النوع الثاني فهو سباق الخيول العربية الأصيلة المسجلة المستوردة من الخارج أو المهجنة بخيول سورية".

وأضاف: "واجبنا الوطني المحافظة على خيولنا السورية الأصيلة صافية بدون تهجين حتى تكون بالمستقبل مستودع دم نقي دائماً لتحسين بعض الخيول العربية الأصيلة المنتشرة في أكثر من 80 دولة حول العالم، والتي تغيّرت عليها البيئة وطرق التربية والتغذية وأصبحت إلى حد ما بحاجة كل فترة لرفدها بدماء نقية من المصدر الأصلي حتى تعود إليها صفاتها التي فقدتها بفعل تغير البيئة و طرق التربية".

وأوضح مدير الجمعية السورية للخيول العربية الأصيلة، محمد الوادي لـ"سبوتنيك"، الميزة الأهم التي يكتسبها هذا السباق أنه "النشاط الرياضي الأول الذي تستضيفه مدينة الأسد الرياضية بعد غياب 11 سنة عن النشاطات الرياضية بسبب استضافة المدينة للمهجرين الوافدين من بقية المحافظات".

وبيّن الوادي أنه "عندما أعلنت الجمعية عن سباق الفروسية قبل شهرين، أبدى مربّو الخيول الأصيلة حماساً كبيراً للمشاركة في هذا النشاط الرياضي، حيث أعدّوا خيولهم بشكل جيّد، متوقعاً أن تشهد أشواط السباق منافسات قوية وندية عالية بين المتسابقين على المراكز الأولى".

وأشار الوادي إلى مشاركة 53 جواداً عربياً أصيلاً في السباق الذي يتضمن سبعة أشواط ولمسافات متنوعة تشمل 1000، 1250، 1800، 2250 متراً تختلف وفقاً للأشواط المحددة بأعمار الخيول ودرجاتها.

ولفت الوادي إلى أنه "بسبب الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سوريا، توقفت الجمعية عن ممارسة نشاطاتها الرياضية لمدة، ثم استأنفت سباقاتها عام 2014 رغم ظروف الحرب من ناحية صعوبة نقل الجياد وصعوبة وصول المربين إلى مرابطها، مشيراً إلى تنظيم سباقات فروسية في دمشق وحلب، وكان مهرجان الجواد العربي الأصيل الذي نظم عام 2019 على أرض مدينة المعارض القديمة في دمشق، هو الأهم من ناحية النشاطات المتنوعة والسباقات والعروض الجمالية".

وأضاف الوادي: "الحرب أثرت على نشاطات الجمعية العربية للخيول الاصيلة، خاصة فيما يتعلق بسرقة عدد كبير من الخيول الأصيلة من مرابطها في معظم المحافظات".

وتابع: "تم استعادة عدد من هذه الخيول وتم استئناف السباقات بفضل تجاوز المربّين للصعوبات كافّة ومحبتهم وعشقهم للخيول ولسباقات الفروسية التي تعكس أصالة هذه السباقات في سوريا".

بدوره، بيّن مدير مدينة الأسد الرياضية المهندس، أيهم كحيلة، أن "أهمية هذا السباق تأتي بعد إعادة تأهيل المدينة بالتعاون بين الاتحاد الرياضي العام ومحافظة اللاذقية، وبعد أن غادرها المهجرون الوافدون من المحافظات الأخرى، حيث أصبح مضمار سباق الخيل جاهزاً لاستضافة سباق الخيول كأول نشاط رياضي يقام على المضمار بعد توقف 11 سنة".

ولفت كحيلة إلى أن "هذا المضمار شهد منذ إنشائه عام 1987 العديد من السباقات، بينها دورة البحر الأبيض المتوسط".

وأشار كحيلة إلى أن "مساحة مضمار سباق الخيل الداخلية تبلغ نحو 90 دونماً وشملت إعادة تأهيل كامل المنصة التي تتسع لنحو 1700 متفرج باستخدام الحجر الرملي والحجر الطبيعي وأسقف مقاومة للرطوبة على اعتبار أن المدينة محاذية للبحر مباشرة إضافة إلى إعادة تأهيل كامل المرافق الإدارية تحت المنصة وإنشاء 17 "بوكساً" للخيول قبل دخولها السباق مع إعادة تأهيل نقاط البداية الموجودة في نادي الفروسية والمضمار نفسه.